لجان الأكاديمية المغربية للدراسات الجغرافية والتنمية الترابية: أذرع العمل وركائز التفعيل

 

      في أي مؤسسة علمية أو أكاديمية طموحة، لا يمكن تحقيق الأهداف ولا تفعيل الرؤية من خلال الإدارة المركزية وحدها، بل من خلال هيكلة داخلية تتيح العمل الجماعي والتخصصي المنسق. ومن هذا المنطلق، اعتمدت الأكاديمية المغربية للدراسات الجغرافية والتنمية الترابية (AMEGDT) هيكلة دينامية تقوم على لجان وظيفية متكاملة، تعمل كل واحدة منها في مجال دقيق، وتسهم بتنسيق جهودها في خدمة التكوين، البحث، التفاعل المجتمعي، والتأثير العلمي.

            في هذا المقال، نسلط الضوء على أهم اللجان النشيطة داخل الأكاديمية، ونعرض مهامها، منهجية عملها، وآفاق تطويرها، من أجل إبراز دينامية الأكاديمية كجسم حي ينبض بالتفاعل والتجدد.

1. اللجنة البيئية: الوعي، التثقيف، والمبادرة

       اللجنة البيئية هي القلب النابض للقضايا المناخية والاستدامية داخل الأكاديمية. تهدف هذه اللجنة إلى توسيع دائرة الوعي البيئي، من خلال تنظيم حملات تحسيسية ولقاءات علمية مفتوحة، وإطلاق مبادرات ميدانية تعكس التزام الأكاديمية بالاستدامة لا كمفهوم نظري فحسب، بل كممارسة يومية.

-          مهام اللجنة:

• تنظيم حملات بيئية في الوسطين الحضري والقروي (النظافة، التشجير، محاربة التصحر...)
• إعداد مطويات ومواد بيداغوجية للتحسيس البيئي لفائدة التلاميذ والطلبة
• الاحتفاء بالأيام العالمية المرتبطة بالبيئة (اليوم العالمي للأرض، الماء، المناخ...)
• المشاركة في مشاريع بيئية مجتمعية مع فاعلين مدنيين ومؤسساتيين
• دمج البعد البيئي في الأنشطة العلمية والميدانية للأكاديمية

اللجنة البيئية تؤمن بأن حماية البيئة لا تفرض من فوق، بل تزرع من الجذور، من خلال التربية والتحسيس والمبادرة الذاتية.

2. لجنة الإعلام والتواصل: من التوثيق إلى التفاعل

        تضطلع لجنة الإعلام والتواصل بمهمة أساسية: الربط بين الأكاديمية وعموم المجتمع، وبين الباحثين داخلها، والمتابعين خارجها. فهي العين التي توثق، والصوت الذي ينقل، واللسان الذي يعبّر عن هوية الأكاديمية.

-          مهام اللجنة:

• إدارة الصفحات الرسمية للأكاديمية على مواقع التواصل الاجتماعي
• تغطية الأنشطة ميدانيًا بالصور والفيديو والتقارير المصوّرة
• صياغة البلاغات، التصريحات الصحفية، والمقالات التعريفية
• تنسيق النشر في المدونة الإلكترونية “آراء جغرافية”
• إعداد المواد البصرية (تصاميم، ملصقات، فيديوهات ترويجية...)
• ضمان الانسجام البصري واللغوي في محتوى الأكاديمية

تسعى اللجنة إلى إنتاج محتوى علمي تواصلي جذاب، بلغة راقية وفي الوقت المناسب، يجمع بين الدقة والوضوح.

3. لجنة الرحلات والخرجات العلمية: الجغرافيا في الميدان

    من منطلق أن الجغرافيا لا تدرس في القاعات فقط، بل تفهم في الطبيعة والمجال، تتولى لجنة الرحلات والخرجات العلمية مهمة تنظيم زيارات ميدانية تثقيفية وتكوينية لطلبة وأعضاء الأكاديمية.

-          مهام اللجنة:

• إعداد البرامج الميدانية للزيارات والرحلات الجغرافية
• تنسيق الاتصالات مع الشركاء المحليين (جماعات، مؤسسات، ساكنة...)
• تأطير الورشات الميدانية أثناء الخرجات (رصد، تحليل، ملاحظات مجالية)
• توفير مستندات مرافقة (كراسات ميدانية، خرائط، أدوات القياس...)
• إعداد تقارير بعد كل خرجة توثق المعطيات المكتسبة
• تشجيع الطلبة على ربط النظري بالميداني

            تشكل لجنة الرحلات دعامة تربوية وعلمية تعزز مهارات الملاحظة، التحليل، والتفكير المجالي لدى المشاركين، وتربط الجغرافيا بالحياة اليومية.

4. لجنة الشراكات والتنسيق العلمي: نحو الانفتاح المؤسسي

            تسهر لجنة الشراكات على تمتين العلاقات العلمية للأكاديمية مع محيطها المؤسسي، إيمانًا بأن لا تنمية أكاديمية دون انفتاح على الآخر وتعاون تكاملي مع الفاعلين المختلفين.

-          مهام اللجنة:

• إعداد وتصريف اتفاقيات التعاون مع الجامعات والمختبرات والجمعيات
• اقتراح مشاريع بحثية مشتركة مع شركاء وطنيين ودوليين
• تمثيل الأكاديمية في اللقاءات الرسمية والعلمية ذات البعد التعاوني
• البحث عن موارد تمويل لدعم أنشطة الأكاديمية (ندوات، منشورات، تكوينات)
• التواصل المستمر مع الأساتذة الباحثين داخل وخارج المغرب
• ربط صلات مع منظمات أممية مهتمة بالبيئة والتنمية

            تعد لجنة الشراكات من الركائز الأساسية التي تسمح للأكاديمية بالتحول من فاعل محلي إلى شريك وطني ودولي في صناعة المعرفة والسياسات.

            لا تمثل هذه اللجان مجرد تقسيمات إدارية أو تسميات شكلية، بل هي تجسيد عملي لفلسفة الأكاديمية: العمل الجماعي، التخصص الوظيفي، والالتزام التشاركي. ومن خلال تعاونها وتناغمها، تتقوى الأكاديمية وتتمكن من تنزيل رؤيتها على أرض الواقع، في قاعات الدرس، ووسط الميدان، وفي عقول وقلوب المهتمين بالتنمية المجالية والعدالة البيئية.

            وبقدر ما تعكس هذه اللجان تنوع مجالات الاشتغال داخل الأكاديمية، فهي تفتح الباب أمام كل الأعضاء للمشاركة الفاعلة، وتسهم في ترسيخ روح الفريق والانتماء، وتدفع بالأكاديمية نحو أفق أرحب من الفعل العلمي والمجتمعي.